صحف
تحوّلت أمس الخيمتان اللتان نصبهما «حزب الله» في مرتفعات شبعا قبل أسابيع قضية ملتهبة، إذ صدرت مواقف إسرائيلية تهدد باللجوء الى القوة لحسم أمر الخيمتين، وذلك بعدما هدّد الأمين العام لـ»الحزب» السيد حسن نصرالله بالردّ على أي عمل اسرائيلي يستهدف إزالتهما. وبدا من هذه التهديدات أن الخيمتين تحولتا عملياً الى إختبار لقواعد الاشتباك، ما يزيد التطورات الجنوبية الأخيرة غموضاً.
في المقابل، برز اهتمام اميركي ودولي، منبهاً الى خطورة ما سيؤدي اليه التوتر الراهن. ففي واشنطن، عبّر مصدر في الخارجية الأميركية عن «قلق الولايات المتحدة إزاء أي انتهاكات للخط الأزرق وتأثيرها على الاستقرار والأمن في كل من لبنان وإسرائيل». ودعا الأطراف المعنيين إلى «الامتناع عن الأعمال الاستفزازية التي تقوّض الأمن والسلام».
أما في صور، فأعلنت نائبة مدير المكتب الاعلامي لقوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل» كانديس أرديل، أنه «بالنظر الى التوترات الأخيرة على طول الخط الأزرق، جاءت حادثة الأمس والتقارير حول اصابات في وقت بالغ الحساسية، ولحسن الحظ ان الوضع اليوم هادئ». والحادثة التي أشارت اليها أرديل، هي تلك التي جرح فيها اول من امس ثلاثة عناصر من «حزب الله» بنيران إسرائيلية قرب «بركة ريشا» الواقعة بين قريتي البستان ويارون.
وأضافت أرديل أنّ رئيس بعثة «اليونيفيل» وقائدها العام اللواء أرولدو لازارو «يواصل الاتصال بالسلطات على جانبي الخط الأزرق، ويواصل جنود حفظ السلام مراقبة الوضع، ونحن نحقق في الأحداث الاخيرة». وخلصت الى القول: «هذا دليل على التزام السلطات على الجانبين بعدم التصعيد أمس. ومع ذلك، رأينا أن الأحداث يمكن أن تتطور بسرعة، ونحض الجميع على الاستمرار في تجنب فعل أي شيء قد يزيد التوترات».
ما ذكرته نائبة مدير مكتب «اليونيفيل» الاعلامي عن «التزام السلطات على الجانبين بعدم التصعيد»، ينطبق فقط على الواقع الميداني. أما في الواقع السياسي، فتصاعدت التهديدات الاسرائيلية التي أطلقها تباعاً وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ورئيس جهاز الاستخبارات العسكرية اهارون هافيلا.
وتعليقاً على هذه التهديدات أورد الموقع الالكتروني لصحيفة «يديعوت احرونوت» أنّ المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن «استفزازات نصرالله تهدف إلى تعطيل بناء الجدار الذي من شأنه أن يعيق قوات النخبة التابعة له من مهاجمة المجتمعات الحدودية. ويتحلّى جيش الدفاع الإسرائيلي بضبط النفس، ولكن الصبر بدأ ينفد». وقال مسؤول اسرائيلي رفيع للموقع :»سيأتي وقت نصرالله، وليس في المستقبل البعيد».
وأضافت «يديعوت احرونوت»: «إنّ مشروع هندسة الجدار الحدودي للجيش الإسرائيلي على وشك الانتهاء. وهو يجمع بين السياج الفولاذي العالي وأنظمة الإنذار والمراقبة المتقدمة، ولديه القدرة على إحباط خطط هجوم «حزب الله» بالكامل. ويتضمّن عوائق مصطنعة طويلة جداً سيتعيّن على «حزب الله» تسلقها، ما يضيع وقتاً ثميناً إذا كان عناصره يعتزمون مهاجمة المستوطنات أو المواقع الإسرائيلية. خلال هذا الوقت، يمكن للجيش الإسرائيلي الاستعداد للدفاع وبدء هجمات مضادة». ولفتت الى أنّ نصرالله «يحاول تقويض استكمال هذه العقبة وتعطيلها من خلال الاستفزازات التي تنطوي بشكل أساسي على تدمير السياج الحديدي و(استخدام) الإكراه الديبلوماسي». وخلصت الصحيفة الى أن نصرالله «كشف أخيراً نواياه بمناسبة زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الذي حمل خطة التسوية التي ستغيّر فيها إسرائيل مسار الجدار في منطقة الغجر، وفي المقابل، يقوم «حزب الله» بتفكيك الخيم». لكن هذه «التسوية» لم تمر، وهذا ما تفسره الزيارة القصيرة التي قام بها هوكشتاين لإسرائيل .
من ناحيته، أبرز «حزب الله» أهمية موضوع الخيمتين غداة الإطلالة الأخيرة لنصرالله. فقد قالت قناة «المنار» التلفزيونية التابعة لـ»الحزب» في مقدمة نشرتها المسائية امس:» بالحديث عن الخيمة التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، أيقن الصهاينة من خبراء أمنيين ومحللين سياسيين ان لا خيمة تقي جنودهم ومستوطنيهم حر سوء الخيارات إن اقدمت عليها حكومتهم، وإن المعادلة التي يفرضها «حزب الله» ستكون حقيقة يجب على الكيان العبري التعامل معها».