أخبار اليوم
العائلة الملكية البريطانية كل العالم يتابعها ويتابع أخبارها، هي العائلة الملكية للمملكة التي لا تغيب عنها الشمس، والتي امتدت أراضيها من الهند إلى شمال القارة الأوروبية.
من كان بالأمس ملكاً ربما هو اليوم إنساناً عادياً ربما أقل ربما يعمل بأحد المهن التي كان يعتبرها أجداده غير لائقة، والعكس صحيح.
فماذا تعرف عن الجدة الأندلسية المسلمة التي أصبحت جدة العائلة المالكة البريطانية اليوم.
الأميرة زائدة أميرة مسلمة عاشت في أشبيلية في القرن الحادي عشر، لكن ما قد لا يعرفه الكثير من الناس هو أنها كانت إحدى أسلاف العائلة المالكة البريطانية.
وصلت سلالة زائدة إلى الشواطئ الإنجليزية بعد ارتباطها بألفونسو السادس ملك ليون-كاستيل. ثم انحدرت من نسلهم إيزابيل بيريز أميرة قشتالة، التي أرسلت في القرن الرابع عشر إلى إنجلترا للزواج من إيرل كامبردج، ريتشارد كونسيرج.
قاد ابنهما، ريتشارد، دوق يورك، تمـ.ـردًا ضد الملك هنري السادس، وهو التمـ.ـرّد الذي تطور لاحقاً إلى ما يعرف باسم “حـ.ـروب الورود” التي استمرّت عقودا من الزمن، قبل أن يتولى إدوارد الابن الثاني لريتشارد العرش في عام 1461. وهكذا وجد إرث إسبانيا الإسلامية – المعروفة باسم الأندلس – طريقه إلى البلاط الملكي لسلالة بلانتاجانت الحاكمة في بريطانيا!
اكتسب هذا النسب أهمية متجدّدة في كل من المملكة المتحدة والشرق الأوسط مؤخرا، بعدما زُعِم أنه يثبت وجود علاقة نسب للملكة إليزابيث الثانية تعود الى أهل بيت النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).
وقد أشار خبراء ومعلقون محترمون في حينه مثل موقع “بورك بيراج” للأنساب والشيخ علي جمعة، المفتي الأكبر السابق لمصر، إلى أن الأميرة زائدة كانت من نسل الأمير المعتمد، حاكم إشبيلية وسليل ابنة الرسول فاطمة وزوجها علي.
وربما كانت تبحث العائلة البريطانية عن أحقية لها في ملك أي بلد إسلامي، وهذا ما دفعها لنبش ماضيها الذي لا ترحب به دائماً.
وعلى فرض كانت تلك النسبة صحيحة، فهذا لا يعطي أي من العائلة المالكة البريطانية وغيرها الأحقية في ملك بلد إسلامي لمجرد أن لهم نسب للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، أو لأن البلد الإسلامي.
فالرسول الكريم كان نبي الله ولم يكن ملكاً، وهو القائل “لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”.
ما يعني أن معاملة نسله تكون مساوية لمعاملة أي مسلم آخر، وهو نبي وليس ملك بالنص القرآني.
عاشت زائدة حياة رغيدة في بلاط بني عباد في إشبيلية من خلال زواجها من الأمير الفتح (أيضا المأمون) بن المعتمد.
في حين أنه يعتقد عامة أن زائدة هي ابنة لأمير، فقد أظهرت الدراسات الحديثة أنها على الأغلب من خارج الدائرة الداخلية للعائلة المالكة التي لم تدخلها إلا من خلال هذا الزواج.
بحلول عقد 1040 ميلادية، حل بنو عابد مكان حكّام قرطبة كأبرز سلاسة في عموم الأندلس. شكّل هذا التطور تحوّلا مهماً جدّاً، إذ كانت إسبانيا الإسلامية قبلها تحت حكم السلالة الأموية لثلاثة قرون.
وتحت حكم المعتمد، عمّ الأميرة زائدة (أب زوجها)، شهدت إشبيلية عصرًا ذهبيًا في الثقافة والأدب فجذبت الشعراء من جميع انحاء العالم الاسلامي، ومن بينهم ابن حمديس الصقلي، وحتى المعتمد نفسه الذي كان أميرا شاعرا.
في 1091 ميلادية، تم غـ.ـزو إشبيلية من قبل جـ.ـيش المرابطين بقيادة يوسف بن تاشفين، وتم نفي الأمير المعتمد إثرها إلى أغمات، بالقرب من مراكش في المغرب حيث توفي هناك بعدها بفترة قصيرة، راثيا خسارته في آخر قصائده قبل مماته.
ومع فرار زائدة من حصار المرابطين القاسي الذي قتل فيه زوجها المأمون، بدى مصيرها القاتم حتمياً.
ففي خلال هروبها المستعجل بحثا عن مكان آمن شمال إشبيلية، أُسرت الأميرة ثم أرسلت الى بلاط قشتالة في توليدو (طليطلة)، حيث سوف تجبر على عيش حياة جديدة ومختلفة.
فلطالما كان زوجها المستقبلي، ألفونسو السادس، شوكة في خصر المعتمد، لا سيما بعد أيار/ مايو 1085، عندما سيطر حاكم قشتالة على مدينة طليطلة وانتزعها من يد السلالة المسلمة التي حكمتها.
كان غزو ألفونسو السادس لطليطلة ضربة مؤلمة لملك الأندلس على إسبانيا، مما تسبب في حالة من الذعر بين أمراء الأندلس وعجّل في وصول المرابطين الى الضفة الشمالية من مضيق جبل طارق.
كان ألفونسو السادس يتطلع إلى أن يصبح الحاكم الوحيد لشبه الجزيرة الإيبيرية، بما في ذلك الأراضي الإسلامية.
وفقا للمؤرخ التونسي من القرن الثالث عشر، ابن الكردبوس التوزري، بدأ الحاكم القشتالي المتعجرف في تصوير نفسه على أنه “إمبراطور الديانتين” أي الإسلام والمسيحية!
كانت مكانة زائدة في البلاط غير مفهومة بشكل جيد من قبل المعاصرين المسيحيين في إسبانيا مقارنة بما نعرفه اليوم.
وإذا كان وجود الأميرة المسلمة في البلاط المسيحي موضوعًا حساسًا في حد ذاته، فإن قرار ألفونسو السادس بجعل زائدة زوجته الشرعية لا بدّ وأنه ترك الكثيرين في حيرة من أمرهم.
هنا، كانت ولادة سانشو، ابن ألفونسو السادس الوحيد، العامل الحاسم وراء كل ذلك.
تحولت زائدة بعدها إلى المسيحية، واستخدمت اسم ايزابيل، الذي كنّيت به لاحقاً سليلتها الشهيرة إيزابيلا ملكة إسبانيا.
قـ.ـضت زائدة نحبها في غرفة نومها بعد أعوام، أي في نفس المكان الذي قادها لأن تصبح محظية الملك.
فلقد مـ.ـاتت الأميرة وهي تلد طفلاً آخرًا من الطفلين اللذين حملت بهما عن طريق ألفونسو السادس وهي قرينة الملك.