المصدر : الإعلام المصري + مواقع التواصل الاجتماعي
خرج الأزهر الشريف في مصر عن صمته بعد أيام من إذاعة حلقة مثيرة للجدل للإعلامي المقرب من السلطة عمرو أديب ببرنامجه "الحكاية" المذاع على قناة "إم بي سي مصر" السعودية، التي أفردها لانتقاد آراء شيخ الأزهر أحمد الطيب في قضية "ضرب الزوجات" باستضافة أطراف مناوئة للمشيخة وعدم إتاحة حق الرد للأزهر.
وشنّت صحيفة "صوت الأزهر"، الصادرة عن مشيخة الأزهر، في عددها الأسبوعي الذي يصدر كل أربعاء، هجوما حادا على أديب، ووصفته في عنوان الملف الذي خصصته للرد "بإعلامي الترفيه".
"صحيفة المخالفات المهنية لإعلامي الترفيه في قضية ضرب الزوجات"، حسب الصحيفة الناطقة باسم الأزهر، عددت المخالفات التي وقع فيها أديب ولخصتها في 12 مخالفة مهنية، من بينها إذاعة أخبار كاذبة عن تبنّي شيخ الأزهر للضرب، وترويج شائعات عن وقوف الأزهر الشريف ضد صدور قانون لردع من يقوم بذلك، فضلا عن إدارة نقاش عن الأزهر من دون وجود ممثل له.
كما انتقدت صحيفة الأزهر محاولة أديب تشويه رأي الإمام الأكبر وتجاهل قوله القاطع في تجريم العنف الأسري، واجتزاء السياق لتصدير صورة غير صحيحة عن الأزهر وشيخه، مشيرة إلى أن أديب شجع على العنف الأسري بالإيحاء بأن ضرب النساء بلا عقوبة قانونية حاليا، وتوجد موافقة أزهرية عليه.
يأتي رد الأزهر على خلفية تصريحات ضيف الحلقة إسلام البحيري حول رأي سابق لشيخ الأزهر عن ضرب المرأة، حيث قال الضيف المذكور إن "كلام شيخ الأزهر خطأ وضد الدستور؛ ولا يوجد ما يسمى الضرب بشروط، وفكرة فتح باب الضرب لأن الزوجة ردّت على زوجها تخلق دولة في الغابة ودولة لا علاقة لها بالشريعة التي ندافع عنها ضد الدستور"، على حد قوله.
وأضاف البحيري، وهو باحث اشتهر بإثارة الجدل بشأن القضايا الإسلامية وسبق أن قضى عقوبة الحبس بتهمة ازدراء الأديان، أن الدستور أقوى من أي مؤسسة في مصر "وأقوى من أي شخص في مصر وهذا ما نعرفه عن الدولة المدنية"، مشيرا إلى أن "ضرب الزوجات حتى لو بشروط انتهى".
إعلامي الترفيه
وفي أول تعليق له بعد نشر الرد، قال رئيس تحرير "صوت الأزهر" أحمد الصاوي عن انتقاد الجريدة لمحتوى إحدى حلقات برنامج عمرو أديب، إن "الجريدة مارست حقها في النقد في إطار المعايير والضوابط.. بمعالجة منضبطة تناسب صحيفة منسوبة للأزهر الشريف دون تلميح خارج أو توصيف غير لائق".
وأضاف في بيان على صفحة صوت الأزهر على فيسبوك "مارسنا نقدًا لممارسة إعلامية محددة وليس للشخص.. ووصف (الترفيه) يعبِّر عن نوع المحتوى الغالب الذي يقدمه.. أردنا تأكيد أن ما يصلح في إعداد محتوى (الترفيه) وما فيه من إثارة لا يمكن استخدامه في محتوى عن الخطاب الديني".
وفي إشارة إلى عدم انسياق الأزهر إلى التورط في أزمة مع السعودية على خلفية وصف أديب بإعلامي الترفيه، قال "أكدنا أن التجاوز كان مهنيًّا وفرديًّا.. ولا يمكن ربطه بأي دوائر أبعد في الداخل أو الخارج"، مشيرا إلى أن "الأزهر ليس فوق النقد.. لكن لا نقبل الافتراء والتجنِّي بتصدير حالة غير صحيحة في صناعة إعلامية أساسها المعلومات الدقيقة".
وتساءل الصاوي عن دور الهيئات الإعلامية، مطالبا إياها "بتفعيل دورها في ما يخص ضبط معايير وضوابط مناقشة الشأن الديني على الشاشات باحترام وفي إطار علمي.. من دون تقييد لحق الاختلاف، هناك مذيع رياضي أُوقف وحُقّق معه لاتهامه بالإساءة إلى النادي الأهلي.. وما نطلبه ليس إلا ضوابط محددة لاحترام الكيانات التي يفخر بها كل مصري".
أصل الأزمة
عادت أزمة الجدل حول ضرب الزوجات إلى الواجهة مجددا بعد إعادة الحديث عن مقترح تغليظ عقوبة ضرب الزوجة في القانون المصري، الذي أعلنت عضوة بمجلس النواب تدعى أمل سلامة عن طرحه في المرحلة المقبلة، وشهدت مواقع التواصل ووسائل الإعلام تفاعلا واسعا بين مؤيد ومعارض، كما امتد الجدل ليشمل نقدا وهجوما على شيخ الأزهر أحمد الطيب.
وتقترح سلامة تعديل المادتين 242 و243 من قانون العقوبات، ليشمل تغليظ عقوبة الاعتداء البدني من أي من الزوجين على الآخر، لتصبح السجن مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على 3 سنوات.
ما حقيقة رأي الأزهر في ضرب المرأة؟
تشير صحيفة "صوت الأزهر" إلى أن رأي الأزهر في مسألة ضرب الزوجة واضح في بيان مجمع البحوث الإسلامية (هيئة تابعة للأزهر)، حيث أكد أن ضرب الزوجات محظور بحسب الأصل، ولا بد من منع هذا التصرف الشائن، لأنه لا يجوز اللجوء إلى الضرب إلا إذا فرضته ضرورة إنقاذ الأسرة من الضياع بسبب نشوز الزوجة واحتقارها زوجها بالتعالي عليه والتجاوز في حقه، لتكون إباحته في تلك الحالة من باب اختيار أهون الشرّين و أقل الضررين.
وأوضح البيان، وفقا لما نقلته صحيفة الأهرام الحكومية، أنه إذا كان بعض الناس أساؤوا استعمال المباح في هذا الموطن وغيره واستعملوه في حالة النشوز دون استيفاء شروطه أو تحسّب لما يترتب عليه من آثار، فيكون من حق ولي الأمر تقييد استعمال هذا المباح، ومن الممكن أن تطرح قضية الضرب عموما كقضية اجتماعية عامة، ليس للزوجة الناشز فقط، ولكن بشكل مطلق، لأن الضرب إهانة تسبب للإنسان عقدا نفسية قد لا تفارقه حتى يدخل قبره.
بدوره، هاجم عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ووكيل اللجنة الدينية بالبرلمان المصري السابق الدكتور محمد الصغير ما وصفه بالهجوم الممنهج على الأزهر، قائلا "أما الحقبة الحالية فأظهرت أن ثمة خطة ممنهجة للنيل من مكانة شيخ الأزهر، والاشتباك مع فضيلة الإمام، ويتولى كبر ذلك دهاقنة الإعلام الذين يعرف عنهم العالم والجاهل أنهم لا يقدحون من رؤوسهم، ولا يتصرفون من عنديات أنفسهم".
وأضاف الشيخ، في مقال منشور بالجزيرة مباشر، أن السبب الرئيس في ذلك يرجع إلى نأي شيخ الأزهر بالمؤسسة الكبرى عن الخوض في الشؤون السياسية، ومحاولة الحفاظ على الأزهر الشريف بعيدا عن تجاذباتها، فاعتُبر موقفه توليا يوم الزحف، في إطار سياسة: ما دمت لا تطبل لي.. فأنت عدوي!
وحظي رد الأزهر عبر صحيفته الناطقة باسمه بردود فعل واسعة مؤيدة -في أغلبها- على مواقع التواصل الاجتماعي المصرية والعربية، أكد أصحابها رفضهم التجرؤ على شيخ الأزهر والتطاول عليه وتأويل آرائه في مسألة الغرض من إثارتها الهجوم عليه.