أعلنت موسكو نجاح مناوراتها الإستراتيجية وإصابة أهدافها، وقُتل جنديان أوكرانيان وسط تبادل للقصف مع الانفصاليين بإقليم دونباس، مع تواصل إجلاء آلاف المدنيين من الإقليم إلى روسيا.
وأكدت وزارة الدفاع الروسية مساء اليوم السبت اكتمال مهام المناورات الإستراتيجية، وقالت إن جميع الصواريخ أصابت أهدافها بنجاح.
ومن مركز قيادة العمليات بوزارة الدفاع في موسكو، أشرف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم السبت رفقة نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، على بدء مناورات عسكرية واسعة النطاق، تشمل إطلاق صواريخ باليستية وصواريخ كروز قادرة على حمل شحنات نووية.
وتشارك في هذه المناورات التي ستجري في المنطقة الجنوبية الغربية في روسيا وبحر بارينتس في الشمال الشرقي من البلاد، سفن وغواصات أسطولي الشمال والبحر الأسود، إضافة إلى سلاح الصواريخ الإستراتيجية والقوات الجوية الفضائية.
وتشمل المناورات تنفيذ عمليات إطلاق صواريخ إستراتيجية من مختلف النماذج من السفن والغواصات وكذلك من القاذفات الإستراتيجية، كما أكدت هيئة الأركان الروسية أن المناورات تحاكي استخدام أسلحة هجومية نووية.
وكان الكرملين قال إن الغواصة النووية "كاريليا" أطلقت الصاروخ الباليستي "سينيفا" العابر للقارات خلال مناورات بيلاروسيا، كما جرى إطلاق صاروخ "يارس" الباليستي الإستراتيجي العابر للقارات خلال المناورات الإستراتيجية.
وقالت موسكو إن هذه المناورات لا تهدد أحدا، وتهدف إلى كشف جاهزية القوات الإستراتيجية النووية الروسية.
وتختتم اليوم السبت المرحلة النهائية من التدريبات العسكرية الروسية البيلاروسية المشتركة في ميدان "أوبوز ليسوفسكي" جنوب غرب العاصمة البيلاروسية مينسك.
وتجري هذه المرحلة تحت إشراف 20 ملحقا عسكريا من 16 دولة، بينهم الملحقان العسكريان الأميركي والأوكراني، بالإضافة لمراقبين عن وزارتي الدفاع في لاتفيا ولتوانيا.
وكان الكرملين وهيئة الأركان التابعة للقوات المسلحة البيلاروسية أكدا في وقت سابق عودة جميع القوات الروسية المشاركة في هذه التدريبات إلى أماكن تمركزها الدائمة بعد انتهاء التدريبات.
الجاهزية الهجومية
من جهة أخرى، قال وزير خارجية أوكرانيا دميترو كوليبا عقب لقائه نظيره الأميركي أنتوني بلينكن "نثمن مشاركتنا بيانات وتقييمات بشأن خطط روسيا العدوانية".
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" (The Wall Street Journal) عن مسؤولين بحلف الناتو أن التقديرات تشير إلى وجود 190 ألف جندي روسي، نصفهم في وضعية هجومية قرب أوكرانيا.
كما نقلت شبكة "إن بي سي" (NBC) الأميركية عن مسؤول في البنتاغون قوله إن روسيا حشدت ما يقرب من 50% من قواتها بوضعية الهجوم حول أوكرانيا، موضحا أن القوات موجودة في مواقع هجومية أكثر مما كان معروفا من قبل، مما يشير لاحتمال مهاجمة أوكرانيا دون سابق إنذار.
وكشف المسؤول العسكري الأميركي عن وجود نحو 125 كتيبة تكتيكية روسية قرب الحدود مع أوكرانيا.
ورغم أن هذه القوات لا تزال على بعد عدة كيلومترات من الحدود، فإنها بلغت هذا المستوى من الجاهزية خلال اليومين الأخيرين، حسب المسؤول الأميركي.
وقالت المخابرات الأوكرانية إن الكرملين يستمر في اتهام أوكرانيا بأعمال غير قانونية لتبرير "تصعيد العدوان المسلح".
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الخارجية النمساوية أنها تنصح جميع مواطنيها بمغادرة أوكرانيا باستثناء المنطقة الغربية، بينما نشرت وزارة الخارجية الألمانية بيانا يدعو المواطنين الألمان لمغادرة أوكرانيا فورا.
إجلاء وقصف وقتيلان
على الصعيد الإنساني، تحدث مراسل الجزيرة عن حركة إجلاء كبيرة للمدنيين عبر المعبر الفاصل بين دونيتسك والأراضي الروسية.
وقالت سلطات دونيتسك الانفصالية إنها أجلت أكثر من 13 ألفا و500 مدني إلى الأراضي الروسية.
وفي روسيا، أعلنت حكومة مقاطعة روستوف على الحدود حالة الطوارئ على خلفية تدفق اللاجئين من إقليم دونباس، وذلك بعدما وجه الرئيس الروسي سلطات المقاطعة بالاستعداد لاستقبال اللاجئين وتقديم الدعم لهم.
في الأثناء، أكدت وسائل إعلام أوكرانية مساء اليوم مقتل جندي أوكراني في دونباس، وذلك بعد ساعات من إعلان مقتل جندي آخر بسبب قصف مدفعي للانفصاليين.
وذكر الإعلام الأوكراني أنه تم إجلاء مسؤولين أوكرانيين وصحفيين أجانب خلال زيارة لمناطق الصراع بعد قصف نفذه الانفصاليون.
وتبادلت أوكرانيا والانفصاليون الاتهامات بشأن خرق وقف إطلاق النار، إذ ذكر الجيش الأوكراني أن الانفصاليين في دونباس خرقوا وقف إطلاق النار 78 مرة، في وقت اتهمه فيه الانفصاليون بخرقه 31 مرة.
وقال مراسل الجزيرة إن قصف الانفصاليين يتركز على استهداف المناطق الصناعية والمرافق الحيوية، مثل محطات الكهرباء ومصانع الصلب والفحم الحجري.
وذكر المراسل أن الانفصاليين يتهمون الجيش بقصف مناطقهم بمئات القذائف، موضحا أن هناك تضاربا في بعض التصريحات.
كما اتهمت سلطات دونيتسك الانفصالية الجيش الأوكراني بقصف محطة ضخ مياه في فاسيليفسكي، مما ألحق أضرارا بالمحطة، وقالت إن 40 منطقة في دونباس مهددة بالعطش، كما بثت صورا قالت إنها تظهر القصف.
وقالت تلك السلطات أيضا إن الجيش الأوكراني قصف صباح اليوم دونيتسك بالمدفعية وقذائف الهاون 14 مرة، مضيفة أن قرابة 600 قذيفة سقطت على منطقة دونيتسك في الساعات الأخيرة.
وفي وقت سابق اليوم، أعلن بوشلين توقيع مرسوم التعبئة العامة جراء تصاعد قصف القوات الأوكرانية، وقد دعا الانفصاليون سكان دونيتسك إلى الالتحاق بمكاتب التجنيد العسكري. وبعد هذا الإعلان بوقت قصير، وقع رئيس ما تسمى "جمهورية لوغانسك" الانفصالية ليونيد باشنيك مرسوما مماثلا.
وقالت سلطات دونيتسك الانفصالية إنها حصلت على خطة للجيش الأوكراني لإعادة السيطرة على المناطق الانفصالية، ونشرتها في وسائل الإعلام.
وقال متحدث باسم قوات سلطات دونيتسك الانفصالية إن الخطة تتضمن السيطرة على الحدود الروسية الأوكرانية الخاضعة الآن لسلطة دونيتسك ولوغانسك في غضون يومين.
ونقلت وكالة رويترز عن شهود عيان أن دوي انفجارات سمع صباح اليوم السبت شمالي مدينة دونيتسك الخاضعة لسيطرة الانفصاليين.
وتحدثت وكالة تاس الروسية عن توتر الأوضاع في دونباس وتزايد القصف على طول خط التماس بأكمله، وقالت إن مبنى في مقاطعة روستوف الروسية أصيب بقذيفة.
وقبل ساعات، قالت وكالة تاس إن قذيفتين سقطتا على الأراضي الروسية على الحدود مع إقليم دونباس، في حين ذكرت وكالة رويترز أن محققا روسيا أمر بالتحقيق في الأمر.
بالمقابل، قال وزير الخارجية الأوكراني "ننفي بشدة مزاعم سقوط قذائف أوكرانية في روسيا ولم ننفذ أي قصف من هذا القبيل"، وطالب بتحقيق دولي فوري وحيادي في تلك الأنباء.