نُقلت الطفلة السورية شام الشيخ محمد وشقيقها إلى الإمارات، يوم الثلاثاء، لاستكمال العلاج من متلازمة “هرس الأطراف” التي أصابتهما، على غرار ناجين كثر، من الزلزال الذي ضرب شمالي سوريا وجنوبي تركيا.
وقال مدير منظمة “عطاء” خالد عيسى إن شام وعائلتها نُقلوا إلى الإمارات بعد أن تواصلت القنصلية مع الوالد وعرضت عليه نقلهم لاستكمال العلاج.
وأضاف، في تصريح لموقع تلفزيون سوريا، أن السلطات التركية منحت والد شام حرية الاختيار لنقل ولديه أو إبقائهم في المشافي التركية، مشيراً إلى أن الحكومة التركية قدّمت الدعم اللازم للعائلة، إذ أمّنت لهم مروحية لنقلهم من أضنة إلى إسطنبول، فضلاً عن كادر طبي متخصص لمتابعة حالتهما في مشفى “شام ساكورا” الحكومي.
وبقيت شام (9 سنوات) 40 ساعة تحت الأنقاض بعد انهيار منزلها وسقوط السقف على ساقيها، وتواجه، وفق الأطباء الذين كانوا يتولون رعايتها، خطر بتر رجليها على مستوى الساقين كما أنها معرضة لمشكلات في القلب والكلى.
وتصدر مقطع فيديو يوثق إنقاذ شام مواقع التواصل الاجتماعي، وظهرت فيه ممددة تحت الأنقاض، تتحدث مع عناصر الإنقاذ، تطلب عبوة ماء وتقترح عليهم كيف يمكن سحبها أو تدندن معهم أغنية تحمل اسمها.
وكشفت مصادر إعلامية محلية، يوم الأربعاء 1 آذار / مارس، عن تعرض أطراف الطفلة “شام” للبتر من أسفل ركبتي القدم بعد وصولها إلى الإمارات لتلقي العلاج المتقدم.
وقالت صفحة “تلمنس نيوز”، وهي القرية التي تنحدر منها “شام”، إن قدمي الطفلة من أسفل الركبتين بترتا بعد معاينتها من قبل كادر طبي في مشفى أبو ظبي في الإمارات.
وأوضحت، أن وضع شقيقها “عمر” تحت العلاج حاليا، ولا يوجد خطر كبير على صحته.
وبقيت شام (9 سنوات) 40 ساعة تحت الأنقاض بعد انهيار منزلها، وسقوط السقف على ساقيها.
ودمر الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا المجاورة، في السادس من شباط الجاري، عشرات آلاف المباني، مودياً بحياة أكثر من 52 ألف شخص في البلدين.
ويرى الأطباء العاملون في شمال غربي سوريا أن وضع شام مماثل لحالات عدة أشخاص استقبلتهم المشافي عقب الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 5 آلاف شخص في خمس محافظات سورية.
بدأت قصة الطفلة بالانتشار على وسائل التواصل الاجتماعي بعد تداول مقاطع لها أثناء عملية إنقاذها من قبل الدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، وهي تتحدث إليهم، مكملة لأحد المتطوعين أغنية “يا شام أنت شامنا”، كما اقترحت من بين الركام حلولاً لإنقاذها، قبل أن تعلن فرق “الخوذ البيضاء” إنقاذها، ومن ثم إصابتها بمتلازمة الهرس.
فقدت شام نتيجة الكارثة والدتها وشقيقتها، بينما أصيبت مع شقيقها عمر بمتلازمة الهرس التي شكلت خطراً كبيراً على حياتهما، بسبب نقص المعدات والمستلزمات الطبية في شمالي غربي سوريا.
ونشر أحد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للطفلة شام أثناء وجودها في مستشفى الشفاء بإدلب، وهي تتألم، بحديث شد المتابعين للفيديو الذي حاز على 3،4 مليون مشاهدة، وحقق انتشاراً واسعاً في العالم، ما شكل حالة تعاطف كبيرة مع الطفلة وعائلتها.
حالة شام وشقيقها دفعت النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي لإطلاق حملة لإنقاذها، أطلقوا عليها اسم “أنقذوا شام وعمر”، ما شكل ضغطاً على السلطات التركية التي أوقفت استقبال الحالات الإسعافية من شمالي غربي سوريا، بسبب ارتفاع أعداد الإصابات في تركيا نتيجة الزلزال.
دخل الطفلان إلى تركيا، ونقلتهما السلطات التركية إلى أحد المستشفيات العامة، وجدد النشطاء نداءات الاستغاثة والمناشدات بسبب عدم الاهتمام بحالتها الصحية، ما دفع إحدى المنظمات الإنسانية إلى تبني حالتهما، ونقلهما إلى مستشفى خاص للعلاج.
إلى الإمارات
قرار الفريق الطبي في تركيا، الذي اطلع على حالتهما ببتر الأطراف المتضررة دفع والدهما بالطلب لنقلهما إلى الإمارات العربية المتحدة، محاولة منه بالبحث عن الرعاية الأفضل.
نقلت دولة الإمارات الطفلين إلى المستشفى، وبدأت على الفور بدراسة حالتيهما، وتقديم العلاج اللازم لهما، عبر فريق طبي مختص.
ونشرت الصفحة الرسمية للهلال الأحمر الإماراتي مقطع فيديو يظهر نقل الطفلة شام، أوضح خلاله الدكتور مايكل يوغلو، وهو استشاري طب وجراحة عظام الأطفال، بأن كلاً من الطفلين كان مصاباً بإصابات بالغة في الأطراف، وكانا يعانيان من التهابات حادة، تعرض حياتهما للخطر، وخضعا لعملية جراحية طارئة، مؤكداً السيطرة على الالتهابات، وأنهما يتعافيان.
وتحدث والد الطفلين في مقطع الفيديو بأن حالتهما الصحية باتت جيدة، بعد زوال الخطر الذي كان يهدد حياتهما.
متلازمة الهرس
بعد وقوع الزلزال وانتشال الناجين من تحت الأنقاض بدأت تتردد على وسائل التواصل الاجتماعي تحذيرات كبيرة، تتحدث من خطورة ما يواجهه الناجون من مضاعفات متلازمة الهرس.
تحدث اختصاصي الأمراض الداخلية الدكتور وسيم زكريا لـ”روزنة” قائلاً بأن أسباب الإصابة تكون ناجمة عن “انضغاط أعضاء الجسم، كالأطراف والصدر بأشياء ثقيلة، مثل انحشارها تحت الركام كما في الزلازل”.
وبحسب زكريا فإن متلازمة الهرس “تؤدي إلى انحلال العضلات، وتلف في نسيج العضلات بشدة، وتتسرب المواد السامة من داخل الخلايا العضلية إلى الدم، ومن هذه السموم أنزيم الميوغلوبين، والذي قد يؤدي إلى قصور الكلية الحاد، وهو توقف الكلى عن العمل، ومن المواد السامة الأخرى شاردة البوتاسيوم، وقد يتسبب وجود مستويات مرتفعة للغاية منها بحدوث توقف القلب، ما يشكل تهديداً للحياة”.